فصل: الباب الثامن عشر : فيما أوله عين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **


2410- عَوْدٌ يُقَلَّحُ

العَوْد‏:‏ البعير المُسِنُّ، يُقَال‏:‏ عَوَّد تعويداً إذا صار عَوْداً، وهو السِّنُّ بعد البُزُول بأربع سنين، ويقَال ‏"‏سُودَدٌ عَوْد‏"‏ أي قديم، وينشد‏:‏

هَلِ المجدُ إلاَّ السُّودَدُ العَوْدُ وَالنَّدَى * وَرَأبُ الثَّأى وَالصَّبْرُ عِنْدَ المَوَاطِنِ

والتلقيح‏:‏ إزالة القَلَح وهو خُضْرة أسنانها وصفرة أسنان الإنسان‏.‏

يضرب للمُسِنِّ يُؤَدَّبُ ويُرَاض ‏[‏ص 12‏]‏

2411- عَوْدٌ يُعَلَّمُ العَنْجَ

العَنْج بتسكين النون ضرب من رياضة البعير، وهو أن يَجْذِب الراكب خِطامه فيرده على رجليه، يُقَال عَنَجَه يَعْنِجُه، والعَنَج‏:‏ الاسم، ومعنى المثل كالأول في أنه جَلَّ عن الرياضة كما جل ذلك عن التلقيح، وذلك أن العَنْج إنما يكون للبَكَارة، فأما العِوَدَةُ فلا تحتاج إليه

2412- عَرَضَ عَلىَّ الأمْرَ سَوْمَ عَالَّةٍ‏.‏

قَال الأَصمَعي‏:‏ أصلُه في الإبل التي قد نَهِلَت في الشرب ثم علَّت الثانية، فهي عالَّة؛ فتلك لا يعرض عليها الماء عرضاً يبالغ فيه، ويُقَال‏:‏ سَامَهُ سَوْمَ عالَّة، إذا عرض عليه عرضاً ضعيفاً غير مبـالَغ فيه، والتقدير‏:‏ عرض علىَّ الأمر عَرْضَ عالَّة، ولكن لما تضمن العَرضُ معنى التكليف جعل السوم له مصدراً، فكأنه قَال‏:‏ عرض على الأمر فسَامني ما يُسَام الإبل التي عَـلَّت بعد النَّهَلِ ومن روى ‏"‏سامني الأمر سَوْمَ عالةٍ‏"‏، كان على اللقم الواضح‏.‏

2413- أَعْطَانِي اللَّفَاءَ غَيْرَ الوَفَاءِ

اللَّفاء‏:‏ الخسيس، والوَفاء‏:‏ التام‏.‏ يضرب لمن يَبْخَسُك حَقَّكَ ويظلمك فيه‏.‏

2414- عَرَفَ حُمْيق جَمَلَهُ

أي عرف هذا القدر وإن كان أحمق، ويروى ‏"‏عرف حميقاً جملُه‏"‏ أي أن جمله عرفه فاجترأ عليه‏.‏

يضرب في الإفراط في مؤانسة الناس ويقَال‏:‏ مَعنَاهُ عَرَفَ قَدْرهُ، ويُقَال

يضرب لمن يستضعف أنساناً ويُولَعُ به فلا يزال يؤذيه ويظلمه‏.‏

2415- عَجَبَاً تُحَدِثُ أَيُّها العَوْدُ

يضرب لمن يكذب وقَدّ أسَنَّ أي لا يَجْمُلُ الكذبُ بالشيخ، ونصب عجباً على المصدر أي تحدث حديثاً عجباً

2416- أَعْدَيْتِنِي فَمَنْ أَعْدَاكِ

أصل هذا أن لصاً تَبِعَ رجلاً معه مال وهو على ناقة له، فتثاءب اللص فتثاءبت الناقة، فتثاءب راكبها، ثم قَال للناقة‏:‏ أعْدَيتِنِي فمن أعداك‏؟‏ وأحسَّ باللص فحذره ورَكضَ ناقته‏.‏

يضرب في عدوى الشر‏.‏

والعرب تقول أعدى من الثَّؤَباء من العدوى‏.‏

2417- العُنوقَ بَعْدَ النُّوقِ

العَنَاق‏:‏ الأنثى من أولاد المعز، وجمعه عنوق، وهو جمع نادر، والنوق‏:‏ جمع ناقة‏.‏ ‏[‏ص 13‏]‏

يضرب لمن كانت له حال حسنة ثم ساءت‏.‏ أي كنت صاحب نُوقَ فصِرْتَ صاحبّ عُنوُق‏.‏

2418- العَيْرُ أَوْقَى لِدَمِهِ

يضرب للموصوف بالحذر‏.‏ وذلك أنهُ ليس شَيء من الصيد يحْذَر حَذَرَ العير إذا طلب‏.‏

ويقَال‏:‏ هذا المثل لزرقاء اليمامة لما نظرت إلى الجيش، وكان كل فارس منهم قد تناول غُصْنَاً من شجرة يستتر به، فلما نظرت إليه قَالت‏:‏ لَقَد مَشَى الشَجَرُ، ولقد جائتكم حمير، فكذبوها، ونظرت إلى عَيْرٍ قد نَفَر من الجيش، فَقَالت‏:‏ العير أوقى لدمه، من راعٍ في غَنَمِه، فذهبت مَثَلاً‏.‏

2419- عَيْرٌ بِعَيْرٍ وَزِيادَةُ عَشَرَةٍ

قَال أبو عبيدة‏:‏ هذا مثل لأَهل الشام ليس يتكلم به غيرهم، وأصلُ هذا أن خلفاءهم كلما مات منهم واحد وقَام آخر زادهم عشرة في أعطياتهم؛ فكانوا يقولون عند ذلك هذا، والمراد بالعَيْر ههنا السيد‏.‏

2420- عَيْرٌ عَارَهُ وَتِدُهُ

عَارَهُ‏:‏ أي أهلكه، ومنه قولهم‏:‏ ما أدرِي أي الجراد عَارهُ، أي أيُّ الناس ذهب به، يُقَال‏:‏ عَارَهُ يعورَهُ و يَعِيره، أي ذهب به وأهلكه، وأصل المثل أن رجلاً أشفقَ على حماره فربَطَه إلى وَتِد، فهجمَ عليه السبع فلم يمكنه الفرار فأهلكه ما احترس له به‏.‏

2421- عَيْرٌ رَكَضَتْهُ أُمُهُ

ويروى رَكَلَته أمه يضرب لمن يظلمه ناصرُهُ‏.‏

2422- عُيَيْرُ وَحْدِهِ

يضرب لمن لا يخالط الناس‏.‏ وقَال بعضهم‏:‏ أي يُعَاير الناس والأمورَ ويَقيسها بنفسه من غير أن يشاور، وكذلك جُحَيْشُ وَحْدِهِ ويقَال جُحَيْشُ نفسه والكلام في‏"‏ وَحْدَه‏"‏ يجيء مستقصيً عند قولهم ‏"‏هو نسيجُ وَحْدِهِ‏"‏ إن شاء الله تعالى‏.‏

2423- عِنْدَ النِّطَاحِ يُغْلَبُ الكَبْشُ الأجَمُّ

ويقَال أيضاً ‏"‏التَّيسُ الأجَمُّ‏"‏ وهو الذي لا قَرْنَ له‏.‏

يضرب لمن غَلَبه صاحبه بما أعدَّ له‏.‏

2424- عَنْزٌ بِهَا كلُ داءٍ

يضرب للكثير العُيُوبِ من الناس والدوابِّ‏.‏ ‏[‏ص 14‏]‏

قَال الفَزَاري‏:‏ للمِعْزَى تسعة وتسعون داء، وراعي السوء يوفيها مائة‏.‏

2425- عِيثِي جَعَارٍ

قَال أبو عمرو‏:‏ يقَال للضبع إذا وقعت في الغنم أفْرَعْتِ في قَرَاري، كأنما ضِراري، ‏"‏أردتِ يا جَعَار القرار‏:‏ الغنم، وأفرعَ‏:‏ أراق الدم، من الفرَع، وهو أول ولد تنتجه الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم، يُقَال‏:‏ أفرَعَ القوم إذا ذبحوه، وقَال الخليل‏:‏ لكثرة جعرها سُمِّيت جَعَار، يعني الضبعَ، قَال الشاعر‏:‏

فَقُلْتُ لَها عِيثِي جَعَارِ، وأبشِري * بلَحْمِ امرئٍ لم يَشْهَدِ اليوم نَاصِرُه

قَال المبرد‏:‏ لما أتى عبد الله بن الزبير قتلُ أخيه مُصْعب قَال‏:‏ أشَهِدَه المهلَّبُ بن أبي صُفْرة‏؟‏ قَالوا لا، قَال‏:‏ أفشهده عباد بن الحصين الحبطي‏؟‏ قَالوا‏:‏ لا، قَالَ‏:‏ أفشهده عبد الله بن حازم السلمى‏؟‏ قَالوا‏:‏ لا، فتمثل بهذا البيت‏:‏

فقلتُ لها عِيثِي جَعَارِ وأبشري*

2426- عَرَضَ عَلَيه خَصْلَتَي الضُّبُعِ

إذا خَيَّره بين خصلتين ليس في واحدة منهما خيار، وهما شَيء واحد، تقول العرب في أحاديثها‏:‏ إن الضبع صادت ثعلباً، فَقَال، لها الثعلب‏:‏ مُنِّى علىَّ أم عامر، فَقَالت‏:‏ أخيرك بين خصلتين فاختر أيهما شَئت، فَقَال‏:‏ وما هما ‏؟‏ فَقَالت‏:‏ إما أن آكلك، وإما أن أمزقك، فَقَال لها الثعلب‏:‏ أما تذكرين يوم نكحتك‏؟‏ قَالت‏:‏ متى‏؟‏ وفتحت فاها فأفْلَتَ الثعلب‏.‏

2427- عَلَى أََهْلِهاَ تَجْنىِ بَرَاقشُ

كانت بَرَاقشُ كلبةً لقومٍ من العرب، فأغير عليهم، فهَرَبُوا ومعهم بَرَاقش، فاتبع القومُ آثارَهُم بنُبَاح بَرَاقش، فهجموا عليهم فاصطلموهم، قَال حمزة بن بيض‏:‏

لم تكن عن جناية لَحِقَتْنِي * لا يَساري ولا يَمينِي رَمَتْنِي

بل جَنَاها أخٌ عليَّ كريمٌ * وعلى أهلها بَرَاقِشُ تَجْنِي

وروى يونس بن حبيب عن أبي عمرو بن العلاء قَال‏:‏ إن براقش امرَأة كانت لبعض الملوك، فسافر الملك واستخلفها، وكان لهم موضع إذا فَزِعوا دخَّنُوا فيه، فإذا أبصره الجند اجتمعوا، وإن جواريها عبثن ليلة فَدخَّنَّ فجاء الجند، فلما اجتمعوا قَال لها نصحاؤها‏:‏ إنك إن رَدّدْتهم ولم تستعمليهم في شَيء ودخّنتهم مرة أخرى لم يأتِكِ منهم أحد، فأمرتهم فبنوا بناء دون دارها، فلما جاء الملك، سَألَ عنْ البِناءَ فأخبروه بالقصة، ‏[‏ص 15‏]‏ فَقَال‏:‏ على أهْهِا ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ تَجنىِ بَرَاقش، فصارت مَثَلاً وقَال الشرقي بن القطَامى‏:‏ براقش امرَأة لقمان بن عاد، وكان لقمان من بني ضد، وكانوا لا يأكلون لحوم الإبل، فأصاب من براقش غلاما، فنزل مع لقمان في بني أبيها، فأولموا ونَحَرُوا الجزر، فراح بن براقش إلى أبيه بعرقَ من جزور، فأكله لقمان، فَقَال‏:‏ يا بني ما هذا‏؟‏ فما تَعَرَّقْتُ قط طيباً مثله، فَقَال‏:‏ جذور نَحَرَها أخوالي فَقَال‏:‏ وإن لحوم الإبل في الطيب كما أرى‏؟‏ فَقَالت براقش‏:‏ جَمِّلْنَا واجْتْمِلْ، فأرسلتها مَثَلاً، و الجميل الشحْمُ المُذَاب، ومعنى جَمِّلْنا أي أطْعِمْنَا الجميل، واجْتَملْ‏:‏ أي أُطْعم أنت نفُسك منه، وكانت براقش أكثر قومها إبلا فأقبل لقمان على إبلها فأسرع فيها وفي إبل قومها، وفَعَلَ ذلك بنو أبيه لما أكلوا لحوم الجزور، فقيل‏:‏ على أهلها تجنى براقش يضرب لمن يعمل عملا يرجع ضرره إليه

2428- عَجِلَتْ الكَلْبَةُ أنْ تَلِدَ ذَا عَيْنَينَ

وذلك أن الكبةُ تُسرع الولادة حتى تأتي بولد لا يبصر، ولو تأخر ولادها لخرج الولد وقد فتح يضرب للمستَعْجِل عن أن يستتَّم حاجته

2429- عَلِقَتْ مَعَالِقِهَا وَصَرَّ الجُنْدَبُ

أي قد وجب الأمر ونَشِبَ، فجزع الضعيف من القوم‏.‏ وأصله أن رجلاً انتهى إلى بئر وعلَّقَ رِشاءه برشائها، ثم صار إلى صاحب البئر فادعى جواره، فَقَال له‏:‏ وما سبب ذلك‏؟‏ قَال‏:‏ علقتُ رِشائي برشائك، فأبى صاحب البئر وأمره بالرحيل، فَقَال‏:‏ عَلِقَتْ معالقَهَا وصر الجندب، أي جاء الحر، ولا يمكنني الرحيلَّ قَالَ ابن الأَعرابي‏:‏ رأى رجل امرَأة سَبْطَة تامةً فخطبها فأنْكِحَ، ثم هديت إليه امرَأة قَمِيئة، فَقَال‏:‏ ليست هذه التي تزوجتها، فَقَالت المزفوفة‏:‏ عَلِقَتْ معَالِقَها وصر الجندبُ، يعني وقع الأمر‏.‏

وعَلِقَ‏:‏ بمعنى تعلَّقَ، والمعالق‏:‏ يجوز أن يكون جمع معلق، وهو موضع العلوق، ويجوز أن يكون جميع متعلقَ بمعنى موضع التعلق، والتاء في علقت يجوز أن تكون كناية عن الدلو، ويجوز أن تكون كناية عن الأرْشِيَةِ‏:‏ أي تعلَّقَتِ الأرْشِيَةُ بمواضع تعلقها‏.‏

2430- عَنْدَ الله لَحْمُ حُبَارَياتٍ

و‏"‏عند الله لحمُ قَطاً سمان‏"‏ يتمثل به في الشَيء يُتَمَنَّى ولا يوصل إليه‏.‏ ‏[‏ص 16‏]‏

2431- العُقُوقَ ثُكْلُ مَنْ لَمْ يَثْكَلْ

أي‏:‏ إذا عَقَّه ولدُه فقد ثَكِلهم وإن كانوا أحياء، قَالَ أبو عبيد‏:‏ هذا في عُقُوقَ الولد للوالد، وأما قطيعة الرحم من الوالد للولد فقولهم المُلْكُ عَقِيم يريدون أن المَلِكَ لو نازعه ولدُه المُلْكَ لقطع رحمه وأهلكه، حتى كأنه عَقيم لم يولد له‏.‏

2432- عَشِّ وَلا تَغْتَرَّ

أصل المثل فيما يُقَال أن رجلا أراد أن يُفَوِّزَ بإبله ليلا، واتّكَل على عشب يجده هناك، فقيل له‏:‏ عّشِّ ولا تَغْتَر بما لست منه على يقين، ويروى أن رجلاً أتى ابن عمر وابن عباس وابن الزبير رحمهم الله تعالى، فَقَال‏:‏ كما لا ينفع مع الشرك عمل كذلك لا يضر مع الإيمان ذنب، فكلهم قَال‏:‏ عّشِّ ولا تّغْتَر، يقولون‏:‏ لا تُفَرِّطْ في أعمال الخير وخُذْ في ذلك بأوثقَ الأمور، فإن كان الشأن على ما ترجو من الرُّخصَة والسَّعة هناك كان ما كسبت زيادةً في الخير، وإن كان على ما تخاف كنت قد احْتَطْتَ لنفسك

2433- عِشْ رَجَباً تَرَ عَجَباً

قَالوا من حديثه‏:‏ إن الحارث بن عُبَاد بن قيس بن ثَعْلَبة طلَّق بَعض نسائه من بعد ما أسنَّ وخَرِف، فخَلَفَ عليها بعده رجل كانت تُظْهر له من الوَجْدِ به مالم تكن تظهر للحارث، فلقي زوجُها الحارثَ فأخبره بمنزلته منها، فَقَال الحارث‏:‏ عِشْ رَجَباً تَرَ عَجَباً، فأرسلها مَثَلاً‏.‏ قَال أبو الحسن الطوسي‏:‏ يريد عِشْ رَجَباً بعد رجب، فحذف، وقيل‏:‏ رجب كناية عن السَّنَة لأنه يحدث بحدوثها، ومن نَظَر في سنةٍ واحدة ورأى تغير فصولها قاس الدهر كله عليها، فكأنه قَال‏:‏ عِشْ دهراً تَرَ عجائب، وعيش الإنسان ليس إليه، فيصح له الأمر به، ولكنه محمول على معنى الشرط، أي‏:‏ إن تَعِشْ تَرَ، والأمر يتضمن هذا المعنى في قولك‏:‏ زُرْنِي أُكْرِمْكَ

2434- عَلَى مَا خَيَلَتْ وَعْثُ القَصِيْم

أي‏:‏ لأركبَنَّ الأمرَ على ما فيه من الهول‏.‏ والقصيم‏:‏ الرملُ، والوعث المكان السهل الكثير الرمل تَغِيبُ فيه الأقدام، ويشقَ المَشْيُ فيه، وقوله ‏"‏على ما خيلت‏"‏ أي على ما شَبَهَتْ، من قولهم‏:‏ فلان يمضي على المخَيَّلِ أي على ما خيلت أي على غَرَر من غير يقين والتاء في ‏"‏خيلت‏"‏ للوعث، وهو جمع وَعْثَة، ‏"‏وعلى‏"‏ من صِلَة فعل محذوف أي أمضي على ما خيلت‏.‏ ‏[‏ص 17‏]‏

2435- عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤساً

الغُوَيْر‏:‏ تصغير غَارٍ، والأبؤس‏:‏ جمع بُؤْس، وهو الشدة‏.‏ وأصل هذا المثل فيما يُقَال من قول الزبَّاء حين قَالت لقومها عند رجوع قَصير من العراقَ ومعه الرجال وبات بالغُوَير على طريقه ‏"‏عَسَى الغُويرُ أبؤسا‏"‏ أي لعل الشرَّ يأتيكم من قبل الغار‏.‏ وجاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يحمل لَقِيطاً فَقَال عمر ‏"‏عسى الغوير أبؤسا‏"‏ قَال ابن الأعرابي‏:‏ إنما عَرَّض بالرجل، أي لعلك صاحب هذا اللقيط، قَال‏:‏ ونصب ‏"‏أبؤسا‏"‏ على معنى عسى الغوير يصير أبؤسا، ويجوز أن يقدَّر عسى الغوير أن يكون أبؤسا، وقَال أبو علي جعل عسى بمعنى كان، ونزلهُ منزلته‏.‏

يضرب للرجل يُقَال له‏:‏ لعلَّ الشرَّ جاء من قبلك‏.‏

2436- عِيصُكَ مِنْكَ وَإنْ كان أَشِبَا

العيصُ‏:‏ الجماعة من السِّدْر تجتمع في مكان واحد، والأشَبُ‏:‏ شدة التفاف الشجر حتى لا مَجَازَ فيه‏.‏ يُقَال‏:‏ غَيْضَة أشِبَة، وإنما صار الأشب عيبا لأنه يذهب بقوة الأَصول، وربما يوضع الأشب موضع المدح يراد به كثرة العَدد و وفور العُدَد كما قَال‏:‏

ولِعَبْدِ القَيس عيِصٌ أشِبُ*

ويجوز أن يريد به الذم، أي كثرةٌ لا غَنَاء عندها ولا نفع فيها، قَال أبو عبيد في معنى المثل‏:‏ أي منك أصْلُكَ وإن كان أقاربُكَ على خلاف ما تريد، فاصبر عليهم فإنه لا بدَّ منهم‏.‏

2437- عَصَبَهُ عَصْبَ السَّلَمَةِ

ويروى ‏"‏اعْصِبْهُ‏"‏ على وجه الأمر، وهي شجرة إذا أرادوا قَطْعها عَصَبُوا أغصانَها عَصْباً شديداً حتى يصلوا إليها وإلى أصلها فيقطعوه‏.‏ يضرب للبخيل يُسْتَخرَجُ منه الشيء على كرْهٍ، قَال الكميت‏:‏

ولا سَمُرَاتِي يَبْتَغِيهنَّ عاضِدٌ * ولاَ سَلَمَاتي في بَجِيلَةَ تُعْصَبُ

أرد أن بجيلة لا يقدر على قهرها وإذلالها وقَال الحجاج على مِنْبر الكوفة‏:‏ والله لأحزِمَنَّكم حَزَمَ السلمة، ويروى ‏"‏لأعْصِبنكم عَصْبَ السَّلمة، ولأضربنكم ضرب غرَائِبِ الإبل‏"‏‏.‏

2438- عَثَر بأشْرَسِ الدَّهْرَ

أي بداهية الدهر وشدته، يُقَال‏:‏ إن الشَّرس ما صغر من شجر الشوك، ومنه الشَّراسة في الخلق‏.‏ ‏[‏ص 18‏]‏

2439- عُشْبٌ وَلا بَعَيِرٌ

أي هذا عُشْبٌ وليس بعير يرعاه‏.‏

يضرب للرجل له مال كثير ولا ينفقه على نفسه ولا على غيره‏.‏

2440- عَادَ غَيْثٌ عَلَى مَا أَفْسَدَ

ويروى ‏"‏على ما خبل‏"‏ قيل‏:‏ إفساده إمساكه، وعَوْدُه إحياؤه، وإنما فسر على هذا الوجه لأن إفساده يصوبه ولا يصلحه عوده، وقد قيل غير هذا، وذلك أنهم قَالوا‏:‏ إن الغَيْثَ يحفر ويفسد الحياض، ثم يعفى على ذلك بما فيه من البَرَكة ‏.‏

يضرب للرجل فيهِ فساد ولكنَّ الصلاح فيه أكثر‏.‏

2441- أعْطَاهُ غَيْضاً من فَيْضٍ

أي قليلاً من كثير‏.‏

يضرب لمن يسمح بالقُلِّ من كُثْرِهِ

2442- عَنِيَّتُهُ تَشْفِي الجَرَبَ

العَنيَّة‏:‏ بولُ البعير يُعَقَدَّ في الشمس يُطْلى بها الأجرب‏.‏ قلت‏:‏ هي فَعِيلة من العنَاء أي يُعَنَّى من طُلىِ بها وتشتدَّ عليه، ويجوز تُعَنيِّهِ أي تزيل عناءه الذي يلقاه من الجرب؛ فيكون من باب ‏"‏قَرَّدَتُه‏"‏ أي أزلت قُرَاده‏.‏

يضرب للرجل الجيد الرأي يُستشفى برأيه فيما يَنُوبُ‏.‏

2443- عَيَّ بِالإِسْنَافِ

قَال الخليل‏:‏ السِّنافُ للبعير بمنزلة الَّلبَبِ للدابة، و‏"‏قد سَنَفْتُ البعير‏"‏ شددت عليه السِّناف، وقَالَ الأَصمَعي‏:‏ أسْنَفْتُ، ويقولون ‏"‏أسْنَفُوا أمرهم‏"‏ أي أحكموه، ثم يُقَال لِمَن تحير في أمره ‏"‏عَيَّ بالإسْنَافِ‏"‏ وأصلهُ أنَ رَجلاً دُهِشَ فَلم يدرِ كَيفَ يُشدُّ السِّاف مِن الخَوف، فَقَالوا‏:‏ عَيَّ بالإسناف، قَال الشاعر‏:‏

إذا مَا عَيَّ بِالإِسْنَافِ قَوْمٌ * مِنَ الأَمْرِ المُشَبَّهِ أن يَكُونا

قلت‏:‏ قَال الأزهري‏:‏ الإسناف التقدُّمُ وأنشد هذا البيت، ثم قَال‏:‏ أي عَيُّوا بالتقدم، وليس قول من قَال ‏"‏إن معنى قوله إذا ما عي بالإسناف‏:‏ أن يدهش فلا يدري أنى يشدُّ السِّناف‏"‏ بشَيء، إنما قَاله الليث‏.‏

2444- عَادَ السَّهْمُ إلي النَّزَعَةِ

أي رجع الحقُ إلى أهله، والنَّزَعَةُ‏:‏ الرُّماة، من ‏"‏نَزَع في قوسه‏"‏ أي رمى، فإذا قَالوا ‏"‏عاد الرمى على النَّزَعَة‏"‏ كان المعنى عاد عاقبة الظلم على الظالم، ويكنى بها عن الهزيمة تقع على القوم‏.‏‏[‏ص 19‏]‏

2445- أَعْطِ القَوْسَ بارِيَهَا

أي اسْتَعِنْ على عملك بأهل المعرفة والحِذقَ فيه، ينشد‏:‏

يَا بَارِيَ الْقَوْسِ بَرْياً لَسْتَ تُحْسِنُهَا * لاَ تُفْسِدَنْهَا وَأعْطِ القَوْسَ بَارِيها

2446- عَصَا الْجَبَانِ أَطْوَلُ

قَال أبو عبيد‏:‏ وأحسبه يفعل ذلك من فشله، يَرَى أن طولها أشَدُّ ترهيباً لعدوه من قصرها، قَال‏:‏ وقد عاب خالد بن الوليد من الإفراط في الاحتراس نحوَ هذا، وذلك يوم اليمامة، لما دنا منها خرج إليه أهلها من بني حنيفة فرآهم خالد قد جَرَّدوا السيوف قبل الدُّنوِّ، فَقَال لأصحابه، أبشروا فإن هذا فَشَل منهم، فسمعها مجَّاعة بن مرارة، الحنفي، وكان موثقاً في جيشه، فَقَال‏:‏ كلا أيها الأمير، ولكنها الهُنْدُوانية، وهذه غداة باردة، فخشوا تَحَطُّمها، فأبرزوها للشمس لتلين متونها، فلما تدانى القوم قَالوا له‏:‏ إنا نعتذر إليك يا خالد من تجريد سيوفنا، ثم ذكروا مثل كلام مجَّاعة

2447- العَبْدُ يُقْرعُ بالْعَصَا * والحُرُّ تَكْفيِهِ الإشَارَةْ

وقيل ‏"‏المَلاَمَهْ‏"‏

يضرب في خِسِّةِ العبيد، وقولهم‏:‏

2448- عَبِيدُ العَصا

قَال المفضل‏:‏ أول من قيل لهم ذلك بنو أسد، وكان سبب ذلك أن أبناً لمعاوية بن عمرو حَجَّ ففُقِد، فاتُّهم به رجل من بني أسد يُقَال له حبال بن نصر بن غاضرة، فأخبر بذلك الحارث، فأقبل حتى وردَ تِهامة أيام الحج وبنو أسد بها فطلبهم، فهربوا منه، فأمر منادياً ينادي‏:‏ مَنْ آوى أسديا فَدمُه جُبَار، فَقَالت بنو أسد‏:‏ إنما قتل صاحبهم حبال بن نصر وغاضرةُ منهم من السكون فانطِلقُوا بنا حتى نخبرهُ، فإن قتل الرجل فهو منهم، وإن عفا فهو أعلم، فخرجوا بحبال إليه، فَقَالوا‏:‏ قد أتيناك بطلَبِتك فأخبره حبال بمقَالتهم، فعفا عنه وأمر بقتلهم، فَقَالت له امرَأة من كِنْدَةَ من بني وهب بن الحارث يُقَال لها عُصَيَّة وأخوالها بنو أسد‏:‏ أَبَيْتَ اللَّعنَ هَبْهم لي فإنهم أخوالي قَال‏:‏ هم لكِ، فأعتِقيهم، فَقَالوا إنا لا نأمن إلا بأمان الملك فأعطى كلَّ واحد منهم عصاً، وبنو أسَد يومئذٍ قليل، فأقبلوا إلى تهامة ومع كل رجل منهم عصا، فلم يزالوا بتهامة حتى هلك الحارث، فأخرجتهم بنو كنانة من مكة، وسموا ‏"‏عَبِيدَ العصا‏"‏ بعُصَيَّةَ التي أعتقتهم وبالِعصِيِّ التي أخذوها، قَال ‏[‏ص 20‏]‏ الحارث بن ربيعة بن عامر يهجو رجلاً منهم‏:‏

اشْدُدْ يَدَيْكَ عَلَى العصا؛ إن العصا * جُعِلَتْ أمارَتَكُمْ بِكُل سَبِيلِ

إن العَصَا إنْ تُلْقِهَا يا ابْنَ اسْتِهَا * تُلْفَى كفَقْعٍ بالفَلاَة محيلِ

وقَال عتبة بن الوعل لأبي جهمة الأسدي‏:‏

أعَتِيقَ كِنْدَةَ كَيْفَ تَفْخَرُ سَادِراً * وَأَبُوكَ عَنْ مجد الكِرَامِ بِمَعْزِلِ

إن العصا، لادَرَّ دَرُّكَ، أحْرَزَتْ * أشْيَاخَ قَوْمِكَ في الزمان الأوَّلِ

فأشْكُرُ لِكِنْدَةَ مَا بَقِيتَ فَعَالَهُمْ * ولتكفرنَّ الله إن لـَمْ تَفْعَـلِ

وهذا المثل يضرب للذليل الذي نفعه في ضره وعزُّه في إهانته‏.‏

2449- أّعْرَضَ ثَوْبُ المِلْبَسِ

وذلك إذا عرضَتِ القَرْفَةُ ‏(‏القَرْفَةُ - بكسر القاف وسكون الراء - التهمة‏)‏

فلم يدر الرجل من يأخذ، ويروى ‏"‏عَرَضَ‏"‏ فمن روى ‏"‏أعرض‏"‏ كان معناه ظهر، كقول عمر‏:‏ وأعْرَضَتِ اليَمَامَةُ واشْمَخَرَّتْ*

ومن روى ‏"‏عَرَضَ‏"‏ كان معناه صار عريضاً، والَمِلْبَسُ‏:‏ المُغَطَّى، وهو المتهم، كأنه قَال‏:‏ ظهر ثوب المتهم، يعني ما هو فيه واشتمل عليه من التهمة، وهذا قريب مِن قولهم ‏"‏أعْرَضَتِ القرْفَةُ‏"‏ وذلك إذا قيل لك‏:‏ من تتهم‏؟‏ فتقول‏:‏ بني فلان، للقبيلة بأسرها، وهذا من قولهم ‏"‏أعرَضْتُ الشَيء‏"‏ جعلته عريضاً

قَال أبو عمرو‏:‏ كان أبو حاضر الأسدي أسيد بن عمرو بن تميم من أجمل الناس وأكملهم منظراً، فرآه عبد الله بن صَفْوَان بن أمية الجُمَحِيُّ يطوف بالبيت، فراعَهُ جماله، فَقَال الغلام له‏:‏ ويْحَكَ أدنِنِي من الرجل، فإني أخاله امرأ من قريش العراق، فأدناه منه، وكان عبد الله أعرج، فَقَال ممن الرجل‏؟‏ فَقَال أبو حاضر‏:‏ أنا امرؤ من نِزَار، فَقَال عبدُ الله ‏(‏‏(‏ أعرض ثَوْبُ الملبس، نزار كثير، أيهم أنت‏؟‏‏)‏‏)‏ قَال‏:‏ امرؤ من مضر، قَال‏:‏ مضر كثير، أيهم أنت‏؟‏ قَال أحد بني عمرو بني تميم ثم أحد بني أسيد بن عمرو، وأنا أبو حاضر، فَقَال ابن صَفْوان‏:‏ أفه لك عُهَيْرَةَ تَيَّاس، والعُهَيْرة‏:‏ تصغير العُهر وهو الزنا‏.‏ قلت‏:‏ لعله أدخل الهاء في عُهَيْرَة للمبالغة، أو إرادة القبيلة، ونصبه على الزم، أو أراد يا عهيرة تياس‏.‏

قَال أبو عمرو‏:‏ وتزعم العربُ أن بني أسد تيَّاسُو العرب، وقَال الفرذدقَ في ‏[‏ص 21‏]‏ أبي حاضر وبعضُهم يرويها لزياد الأعجم، وكان أبو حاضر أحد المشهورين بالزنا‏:‏

أبا حاضِرٍ مَابالُ بُرْدَيْكَ أصْبَحَا * على ابنة فَرُّوج ردّاءً ومَئْزَرَا

أبا حاضَرٍ من يَزْنِ يَظْهَرْ زِنَاؤُهُ * ومَنْ يَشْرَبْ الصَّهْبَاء يُصْبِحُ مُسْكِرَا

وبنت فروج اسمها حمامة، وكان أبو حاضر يُتَّهم بها‏.‏

2450- اعْلُلْ تَحْظُبْ

الحُظُوب‏:‏ السمن ‏(‏تقول‏:‏ حظب يحظب على مثال فرح وضرب ونصر إذا سمن وامتلأ‏)‏ والامتلاء، أي اشرب مرةً بعد مرة تسمن‏.‏ يضرب في التأني عند الدخول في الأمور رَجَاء حسن العاقبة‏.‏

2451- عَنْ صَبُوحٍ تُرَقِّقُ

الصَّبُوح‏:‏ ما يشرب صَبَاحاً، والغَبُوق‏:‏ ضده، وترقيقَ الكلام‏:‏ تزيينه وتحسينه، أي تُرَقِّقَ وتحسن كلامك كائناً عن صَبُوح وأصله أن رجلاً اسمه جابان نزل بقوم ليلاً، فأضافوه وغَبَقُوه، فلما فرغ قَال‏:‏ إذا صَبَحْتُموني كيف آخذ في طريقي وحاجتي‏؟‏ فقيل له‏:‏ عَنْ صَبُوح تُرَقَّقُ، وعن من صلة معي الترقيقَ، وهو الكناية لأن الترقيقَ تلطيف وتزيين، وإذا كنّيْتَ عن شَيء فهو ألطف من التصريح، فكأنه قيل‏:‏ عن صبوح تكنى‏.‏

يضرب لمن كَنَى عن شَيء وهو يريد غيره، كما أن الضيف أراد بهذه المقَالة أن يوجب الصبوح عليهم‏.‏ قَال أبو عبيد‏:‏ ويروى عن الشعبي أنه قَال لرجل سأله عمن قَبَّلَ أمَّ امرأته، فَقَال أعن صَبُوح تُرَقِّق‏؟‏ حَرُمَتْ عليه امرأتُهُ، قَال أبو عبيد‏:‏ ظن الشعبي فيما أحسب ما وراء ذلك‏.‏

2452- عَدَا القَارِصُ فَحَزَرَ

القارص‏:‏ اللبنُ يحذى اللسان، والحازِرُ‏:‏ الحامض جداً يضرب في الأمر يتفاقم، قَال العَجَّاج‏:‏

يا عمرُ و يا بن مَعْمَرٍ لا مُنْتَظَرْ * بعد الَّذِي عَدَا القَرُوصَ فَحَزَرْ

يَعْني الحَرُورِيَّ الذي مَرَقَ فجاوز قدره، ويروى المثل ‏"‏عدا القارص‏"‏ بالنصب، أي عدا اللبن القارص يعني حد القارص ومن رفع جعل المفعول محذوفاً، أي جاوز القارصُ حَدَّه فحزر‏.‏

2453- اسْتَعْجَلَتْ قَدِيرَها فَامْتَلَّتِ

يضرب يَعجَل فيصيب بعضَ مراد ويفوته بعضه، ‏[‏ص 22‏]‏ والقدير‏:‏ اللحم المطبوخ في القِدر، والامتِلاَلُ‏:‏ المَلُّ وهو جَعْل اللحم في الرماد الحار، وهو المَلَّة‏.‏

2454- عَرَفَ النَّخْلُ أَهْلَهُ

أصله أن عبد القيس وشَنَّ بن أفْصَى لما ساروا يطلبون المتَّسَع والريف وبعثوا بالرُّوَّاد والعيون، فبلغوا هَجَر وأرض البحرين، ومياها ظاهرة وقرى عامرة ونخلاً وريفاً وداراً أفضل وأريَفَ من البلاد التي هم بها؛ ساروا إلى البحرين وضاموا مَنْ بها من إياد ولأزد وشَدَّوا خيولهم بكرانيف النخل، فَقَالت إياد‏:‏ عَرَفَ النخلُ أهْلَه، فذهبت مثلاً‏.‏

يضرب عند وكول الأمر إلى أهله

2455- أَعْطِ أَخَالَ تَمْرَةً، فإنْ أبَى فَجَمْرَةً

يضرب للذي يختار الهوان على الكرامة

2456- عُرَّ فَقْرَهُ بِفِيهِ، لَعَلَهُ يُلْهِيهِ

يُقَال ذلك للفقير يُنفقَ عليه وهو يتمادى في الشر، أي خَلِّه وغيَّه

والعَرُّ‏:‏ اللطخ، أي الطَخْ فاه بفقره، لعله يشغله عن ركوب الشر، والمعنى كله إلى فقره ولا تنفق عليه يصلح، ويروى أغرُ بالغين المعجمة، وهو أصوب، يُقَال‏:‏ غَرَوتُ السهمَ، إذا ألزقت الريشَة عليه بالغراء، ومعناه‏:‏ الْزَقَ فقره بفيه، أي ألزمه إيَّاه ودَعْه فيه لعله يلهيه، قَال الأزهري‏:‏ يريد خَلِّه و غَيَّه إذا لم يُطِعْكَ في الإرشاد، فلعله يقع في هَلَكَة تلهيه عنك وتشغله

2457- عِنْدَ النَّوَى يَكْذِبُكَ الصَّادِقُ

قَال المفضل‏:‏ إن رجلا كان له عبد لم يكذب قَطُّ، فبايَعَهُ رجل ليكذبنه، أي يحملنه على الكذب، وجعلا الْخَطَر بينهما أهلهما وما لهما، فَقَال الرجل لسيد العبد‏:‏ دَعْه يَبِيت عندي الليلَةَ، ففعل، فأطعمه الرجلُ لحمَ حُوَار وسَقَاه لبناً حليباً، وكان في سقاء حازر، فلما أصبحوا تحمَّلُوا وقَال للعبد‏:‏ الحَق بأهلك، فلما تَوَارى عنهم نزلوا، فأتى العبدُ سيدَه، فسأله فَقَال‏:‏ أطعموني لحماً لاغَثَّا ولا سَمِيناً وسَقَوْني لبناً لا مَخْضَاً ولا حقيناً، وتركتهم قد ظعنوا فاستقلُّوا، ولا أعلم أساروا بعدُ أو حلُّوا، وفي النوى يكذبك الصادق، فأرسلها مَثَلاً، وأحرز مولاه مالَ الذي بايعه وأهله‏.‏

يضرب للصَّدُوقَ يحتاج إلى أن يكذب كذبة‏.‏ وقَال أبو سعيد‏:‏ يضرب للذي ينتهي إلى غاية ما يعلم، ويكف عما وراء ذلك، لا يزيد عليه شيئاً‏.‏ ‏[‏ص 23‏]‏

ويروى ‏"‏وفي النوى ما يكذبك‏"‏ ‏"‏وما ‏"‏ صلة، والتقدير وفي نَوَاهم يكذب الصادقَ إن أخبر أن آخر عهدي بهم كان هذا‏.‏

2458- عَدُوُّ الرَّجُل حُمْقُهُ، وَصَدِيقُهُ عَقْلُهُ

قَاله أكْثَمُ بن صَيفي

2459- عَلَى الشَّرَفِ الأََقْصَى فابْعَدْ

هذا دعاء على الإِنسَان، أي باعَدَه الله وأسحقه‏.‏ والشرف‏:‏ المكانة العالية، وابْعَدْ‏:‏ من بَعِدَ إذا هلك، كأنه قَال‏:‏ أهْلَكْ كائناً أو مُطِلاًّ على المكان المرتفع، يريد سقوطه منه‏.‏

2460- عِيلَ ما هُوَ عَائِلُهُ

أي غُلِبَ ما هو غالبه، من العَول وهو الغَلَبة و الثقل، يُقَال عَاَلني الشَيء أي غلبني وثقل علي، وهذا دعاء للإنسان يعجب من كلامه أو غير ذلك من أموره

2461- أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَيْبَةِ، فأَمَّا الهَيْبَةُ فَلاَ هَيْبَةَ

قَالها سُليك بن سُلَكَة و المعنى أعوذ بك أن تخيبني، فأما الهيبة فلا هَيْبة، أي لست بِهيَوُبٍ

2462- عِلْمَان خَيْرٌ مِنْ عِلْمٍ

وأَصْلُه أن رجلا وابنه سلكا طريقاً، فَقَال الرجل‏:‏ يا بني استبحث لنا عن الطريق، فَقَال‏:‏ إني عالم، فَقَال‏:‏ يا بنيَّ عِلْمَانِ خَيْرٌ من علم‏.‏

يضرب في مَدْح المُشَاورة والبحث‏.‏

2463- عُضَلَةٌ مِنْ العُضَلَ

قَال أبو عبيد‏:‏ هو الذي يسميه الناس بَاقِعَةً من البَوَاقع، من قولهم‏"‏عَضَل به الفَضَاءُ‏"‏ أي ضاق، و‏"‏عَضَّلَةِ المرأة‏"‏ نشب فيها الولد، كأنه قيل له عُضَلَة لنُشُو به في الأمور أو لتضييقه الأمرَ على مَنْ يُعالجه، قَال أََوْس‏:‏

تَرَى الأرضََ منَّا بِالفَضَاءِ مَرِيضَةً * مُعَضِّلَةً مِنَّا بِجَيْشٍ عَرَمْرَمِ

2464- عَادَ الْحَيْسُ يُحَاسُ

يُقَال‏:‏ ‏"‏هذا الأمرُ حَيْس‏"‏ أي ليس بِمُحْكَم، وذلك أن الحَيْسَ تمر يخلط بسمن وَأَقِطٍ فلا يكون طعاماً فيه قوة، يُقَال‏:‏ حَاس يَحيسُ، إذا اتخذ حَيْساً؛ فصار الحيس اسماً للمخلوط، ومنه يُقَال للذي أحدقت به الإماء من طرفيه‏:‏ مَحْيُوس، والمعنى‏:‏ عاد الأمر المخلوطُ يُخلط، أي عاد الفسادُ يُفسد‏.‏ وأصله أن رجلً أُمِرَ بأمر فلم يحكمه، ‏[‏ص 24‏]‏ فذمَّه آمره فَقَام آخر ليحكمه ويجيء بخير منه، فَجاء بِشَرٍ مِنهُ فَقَال الآمر‏:‏ عاد الحيس يحاس، وقَال‏:‏

تَعِيِبِنَ أمراً ثمَّ تأتيِنَ مِثْلَهُ * لَقَدْ حَاسَ هذا الأََمْرَ عِنْدَكِ حَائِسُ

2465- اعتَبِرِ السَّفَرَ بأَوَّلِهِ

يعني أن كل شَيء يعتبر بأول ما يكون منه‏.‏

2466- عَلَى الخَبِيرِ سَقَطْتَ

الخبير‏:‏ العالم، والْخُبْرُ‏:‏ العلم، وسقطت‏:‏ أي عثرت، عَبَّر عن العثور بالسقوط؛ لأن عادة العاثر أن يسقط على ما يعثر عليه‏.‏

يُقَال‏:‏ إن المثل لمالك بن جُبَير العامري وكان من حكماء العرب، وتمثل به الفرزدقَ للحسين بن علي رضي الله عنهما حين أقبل يريد العراق، فلقيه وهو يريد الحجاز، فَقَال له الحسين رضي الله عنه‏:‏ ما وراءك‏؟‏ قَال‏:‏ على الخبير سَقَطْت، قلوب الناس معك، وسيوفُهم مع بني أمية، والأمر ينزل من السماء، فَقَال الحسين رضي الله عنه‏:‏ صَدَقْتَنٍي

2467- عَاطٍ بَغْيْرِ أَنْوَاطٍ

العَطْوُ‏:‏ التناول، والأنواط‏:‏ جمع نَوْط وهو كل شَيء معلق، يقول‏:‏ هو يتناول وليس هناك معاليق‏.‏ يضرب لمن يّدَّعِي ما ليس يملكه‏.‏

2468- عَادَةُ السُّوءِ شَرٌّ مِنْ الْمَغْرَم

قيل‏:‏ معناه مَنْ عَوَّدته شيئاً ثم منعته كان أشدَّ عليك من الغريم، وقيل‏:‏ معناه أن المَغْرم إذا أديْتَه فارقَكَ، وعادة السوء لا تفارقَ صاحبها، بل توجد فيه ضَرْبَةَ لازِبٍ‏.‏

2469- العَجَبُ كُلُّ العَجَبِ، بيْنَ جُمَادى وَرَجَبَ

أول من قَال ذلك عاصم بن المُقْشَعِرِّ الضبى وكان أخوه أبَيْدَةُ علِقَ امرَأة الخُنَيْفِسُ بن خَشرَم الشَيباني وكان الخنيفس أغْيَرَ أهل زمانه وأشجَعَهم، وكان أُبَيْدَةُ عزيزاً مَنِيعاً، فبلغ الخنيفس أن أُبَيْدَةَ مضى إلى امرأته، فركب الخنيفسُ فرسه وأخذ رمحه وانطلقَ يرصُدُ أُبيدة، وأقبل أبيدة وقد قضى حاجتَه راجعاً إلى قومه، وهو يقول‏:‏

ألا إنَّ الخُنَيْفسَ فَاعْلَمُوهُ * كما سمَّاهُ والدُهُ اللَّعينُ

بَهيمُ اللَّونِ مُحْتِقِرٌ ضَئِيلٌ * لئيماتٌٌ خلائقهُُ، ضَنِينُ

أيوعِدُنِي الخُنَيْفِسُ مِنْ بَعَيدٍ * ولمَّا يَنْقَطِعْ مِنْهُ الوَتِينُ ‏[‏ص 25‏]‏

لَهَوْتُ بِجَارَتَيهِ وَحَادَ عَنِّي * وَيَزْعُمُ أَنَّهُ أَنَّفٌ شَنُونُ

قَال‏:‏ فشدَّ عليه الخُنَيفسُ، فَقَال أبيدة‏:‏ أذكِّرُكَ حرمةَ خَشْرم، فَقَال وحُرْمةِ خَشْرَمٍ لأقتلنك، قَال‏:‏ فأمْهِلْني حتى أسـتلئم قَال‏:‏ أو يستلئم الحاسر‏؟‏ فقتله، وقَال‏:‏

أيا ابْنَ المُقْشَعِرِّ لَقِيْتَ لَيْثاً * له في جَوفِ أَيكَتِهِ عَرِينُ

تقولُ صَدَدْتُ عَنْكَ خَناً وجُبْناً * وإنَّكَ مَاجِدٌ بَطَلٌ مَتِينُ

وَإنَّكَ قَد لَهَوتَ بِجَارَتَينَا * فَهَاكَ أُبَيْدُ لاَ قَاكَ القَرِينُ

سَتَعْلمُ أَيُّنا أَحْمى ذِماراً * إذا قَصُرَتْ شِمَالُكَ واليَمَينُ

لَهَوْتَ بٍها فَقَدْ بُدِّلْتَ قَبْراً * وَنَائِحَةً عَلَيْكَ لَهَا رَنِينُ

قَال‏:‏ فلما بَلَغ نَعِيه أخاه عاصماً لبس أطمَاراً من الثياب، وركب فرسه، وتقلَّد سيفه، وذلك في آخر يوم من جُمادى الآخَرة وبادر قَتْلَه قبل دخول رجب ؛ لأنهم كانوا لا يقتلون في رجب أَحَداً، وانطلقَ حتى وقف بفناء خباء الخُنَيفس، فنادى‏:‏ يا ابن خَشْرَم، أَغِثِ المُرْهقَ فطالما أَغَثتَ، فَقَال‏:‏ ما ذاك‏؟‏ قَال‏:‏ رجل من بني ضبة، غصَبَ أخى امرأته فشدَّ عليه فقتله، وقد عجزت عنه فأخذ الخنيفسُ رمحه وخرج معه، فانطلقا فلما عَلمَ عَاصم أنهُ قَد بَعَدَ عَن قَومهِ داناه حتى قارنه ثم قَنَّعه بالسيف فأطار رأسه، وقَال‏:‏ العجَبُ كل العجب بين جمادى ورجب، فأرسلها مَثَلاً، ورجع إلى قومه